الأربعاء، 24 ديسمبر 2014

ملفات عاصفة الصحراء

ملفات عاصفة الصحراء

الرسالة الأولى : حفر الباطن 2/9/90

أبت .......
من حفرِ الباطنِ لك أكتب و العرقُ يسيلْ
و القلب الحائر أرَّقنى .... و الدمع يسيل
فأخى فى دين الله ينادينى و دماه تسيل
و الأخُ الآخر يا أبتِ قد صوَّب نحوى مدفعه
و كأنه يوماً لم يشرب من ماء النيل
شيئٌ فى كفى يدفعهُ أن يضغط فوق زناد الغوث
شيئٌ فى قلبى يمنعهُ ... فالخطبُ جليل
والوقتُ يمرُ ببطءِ سلحفاةٍ سكرى ...
و الشمس تعسكر فى يومى لا تبرحَهُ ... و الليلُ طويل
و الرؤيا غامت فى عينى و الرأسُ شَتيت
و الحقُ توارى يا أبَتِ خلفَ التضليل
أحتاجُ إليك ...
لكلماتِك ... لسديدِ الرأى
فأنا أضنانى تفكيرى ... و رؤاكَ دليل
أبت ...
اسعفنى يا أبَتِ بحكيمِ القول
فأنا أعيانى تفكيرى ... و العقلُ عليل
إنِّ لا أخشى إلا اللهَ ... و تعلم أنتْ
أنِّى فرعٌ من بأسٍ و جذورُه أنتْ ... رواك النيل
أبت ...
كلماتى لا تحمل جبناً أو خوفْ
لكنى خِفتُ الجَوْرَ و إثمَ البغيِّ ... و اللهُ وكيل
أبت ... أبلغ للأمِ سلاماتى و لكلِ صديق
قَبِّل يا أبت تراب الأرض و ماء النيل
و عشْ ذُخرا ... و عشْ دَوماً
كنزاً من بأسٍ من حبٍ و القلبُ نبيل
...... إبنك ياسر
****
رد الرسالة الأولى : السويس 19/9/90

ولدى يا ياسر ...
يا بطلا يكبر فى عينى كالأسدِ الكاسرْ
يا شهماً ثار يؤرِّقه عدوانٌ سافرْ
يا جندَ اللهِ ترابضُ تدفعُ جَوْرَ الجائرْ
يا فرعا ينبت من أصلٍ خيرُه وافِرْ
أنت مع الحق ......
فى وجه الظالمِ يا ولدى ... النبل تجمَّع و تَضَافَرْ
وقف الشرقىُّ مع الغربىِّ يقاومه ...
يجمعهم أَرَبٌ ياولدى ... لست بِنَاكِرْ
فأنا أذُنَيَّ تعاقِرُ كل إذاعاتِ الدنيا
و الليلُ ينامُ على جفنى و أنا ساهِر
ولدى ... لا تدع الغاصبَ يهنأ بالسَلَبِ
سيعاود سَلْبَهُ يا ولدى مادام القاهر
انصُرْهُ بِرَدِّه عن غَيِّه أو عن ظُلْمِه
لا تخفض صوتكَ يا ولدى ... اصرخْ جاهِرْ
قاتِلْهُ إذا أطلَقَ نَحْوَك سَهمَ رَصَاصٍ
إدحَرْهُ و لا تخشى شيئاً فاللهُ الناصِرْ
أنت مع الحقِ وأَيْمِ الله
فاثْبُت فى بأسٍ يا ولدى ... ضِدّ َالجائر
ولدى .....
يا مَنْ تجعَلُنى بكَ أزهو ... بِكَ أَتَفاخَرْ
أمُّك تتمنى ضَمُك لكن ... حين تعودَ لنا ظافِرْ
اللهُ معَكْ ... و الحقُ مَعَكْ ...
وحتى ألقاكَ بإذنِ الله ... أنا صابر
والدك ...
عبدالفتاح البرعى
****
الرسالة الثانية : حفر الباطن 2/10/90

أبتِ ...
وصلتنى رسالتك البلسم ... و إليك الرد:
يا عَبَقَ الأرض الضاربِ فى التاريخِ لألفىّْ جَدْ
يا صوت بلادى يسبح من دمياط لبعد السد
رغم رباطة جأشك أنت و رغم الصبر ...
ألمح بين سطورك أمى تدمع فوق الخد
أسمع نَهْنَهَةً تتوارى فى كلماتِك ...
أسمع دقات فؤادك تسرع رغم البعد
يا صوت الحكمة ... لا تجزع من كلمة حرب
يا من جَلَّيت غشاوة عينى أزلت السد
إنى أتدرب يا أبت من قبل الفجر
فأنا قررت بأن أكسر سيف المرتد
و الكل تَوَشَّح يا أبت درع الإقدام
و الكل سلاحَه فى يدِه وابتدأ العَدّْ
سنحطم أنفه يا أبت هذا المغرور
فالسرقة و القتل ذنوبٌ ... و الفِتَنُ أَشَدْ
لا تجزع أبدا يا أبت ... نحن مع الله
و اللهُ جنودَه لو تدرى ما لها من عّدْ
قَبِّل لى أمى يا أبتِ فى كل الوجه
وامسح دمعاتها إن تبكى لو أن لابُد
قَبِّل إخوانى و أخواتى و صغار الحى
وادعو لى ربك يا أبت فى كل صلاة ...
و لا تنسى .............. أسرع بالرد
...... إبنك ياسر
****
رد الرسالة الثانية : السويس 12/10/90

ولدى ...
يا عضواً منى يتحرك فى حفر الباطن
يا كَبِدى نُزِع و طُرِحَ على الرمل الساخن
لن أكذب أبدا يا ولدى ...
ففؤادى حقاُ يتلوَّى ... ليس بساكن
لكنى أمضيت حياتى يا ولدى لم أتجابن
و أنا فى عمرك يا ولدى كنت بصنعاء
و طوال حياتى يا ولدى – بين الإخوانِ – أنا الدائن
فى كتفى ذكرىً من صنعاء ...
و أبى لليلةِ قبره فى غزةَ كائن
و أخى قد ضاع صباح الخامس من يونيو
تُرِكَ على الرمل ببحرِ دمائه ... كالجيفةِ فى ماءٍ آسن
فأنا لم أجبُن يا ولدى لا أخشى الحرب ...
و انت نباتٌ من صلبى ... لستُ بماجِنْ
تاريخى كالثوبِ الأبيضِ لا دنسٌ فيه
مجدٌ يتسامى فى فخرٍ ... ليس بشائن
قاتل يا ولدى كل عدوٍ للإنسان
قاتل أسرابَ الشرِ و سحبَ الإعصار الداكن
حاصر يا ولدى نارَ الفتنةِ فى المهدِ
واروِّ بالدَمِّ الزهرَ القومىَّ الفاتن
واعلم أنى فى السجدةِ أدعو لك و لإخوانِك
أن ينصرَ ربُكَ جندَ اللهِ على الخائن
أمُّكَ لو تعرف فك الخطِ لكتبت لك كتباً
تبدأُ من "فيصل" أسطرها ...... و تطولُ إلى حفر الباطن
و أنا استودعتُكَ حفظَ اللهِ ... حتى عودتك لنا آمن

والدك ...
عبدالفتاح البرعى
****
الرسالة الثالثة : حفر الباطن 25/10/90

أبى الحبيب ...
عرقى يتصبب يا أبت بعد التدريب
و القلم يخطُ خطاباتى و الجوُ كئيب
قلبى منفطرٌ من ألمٍ و أسىً و سقيم
فأخى فى دينى يترنَّح تحت التعذيب
و الأخُ الآخر يسقيه ذلاً و هوان
و توشح صلفاً و غروراً و الأمرُ رهيب
و هلاكٌ يفتح فكَّيهِ لبين النهرين
و مخطط واشنطن جاء بسبقِ الترتيب
و الأخُ الباغى بغباءٍ يهوى فى الفخ
و طوال حياته يا أبت يهوى التخريب
قد كنت أعُدُّه يا أبت ... عوناً و صديق
و حَسِبْتُه يوما فى يدِنا سبفَ التأديب
فانسَّلَ السيفُ ... على طفلٍ يتلو القرآن
و اغتالَ الشاةَ ... "وياعجبى" قد ترك الذيب
و رَوَى الصحراءَ بدَمِّ أخيه و بتروله
و هوى الصاروخُ على "الظهران" و لم يسقط ...
يال الخجلِ – فى تلِّ أبيب
أبت سامحنى يا أبتِ ... فالجرحُ عظيم
فأنا فى حضنِ ثَرَىَ  وطنى و كأنى غريب
طيِّبْ للأُمِّ خواطِرَها ... واثبتْ فى بأسْ
أبلغ للصحبةِ أشواقى و لكل حبيب
فأنا حمَّلتُ الشمسَ الشوقَ و قبلاتى
تنقِلُها إليكم يا أبتِ فى كل مغيب

...... إبنك ياسر

الأحد، 21 ديسمبر 2014

(1) الفصحى

فى هذه الدنيا ...
أصارعُ كى أكون
و أعاندُ الأقدارَ حتى لا أهون
فأنا مازلت مقنعاً بأنى فاعلٌ
عقلى الذى لا أستجبْ لسواهُ
به أهتدى و أضيعُ لو أحيا بدون
فى هذه الدنيا ... مصرٌ أن أكون

الآن أجاهرُ أنَّ الفؤادَ
أخيراً يقيناً بحبٍ وقَع
الآن أصارح كل الطيور
الآن أوشوش بعض الودع

من بعد مراجعة حروف اللغة العربية
لك أنتِ أقول
أهواكِ يقيناً سيدتى يا شمساً تسطعُ دونَ أفول
يا إمرأة فوق المنطقِ و المعقول
ما عُدتُ أطيق بعادك يوماً يا إمرأةً
أكبر من حلم الأيام .. و أعلى من كل المأمول

سيدتى ....
بصعوبةٍ لَمْلَمْتُ أنفاسى و هائنذا أقول
شمس الغرام عَصَتْ و لم تقبل أفول
و أنا بكل شجاعتى إستجمعت أشلائى و جئتك
طالباً حق المثول
فمكنينى من مرافعتى و بالله إسمعينى
فالدمع فى عينى يغالبنى و ينذر بالهطول
و أنا أحبك رغم ما عانيتُ منكِ
و رغم أنك دائماً تتقلبين كما الفصول
فقط إسمعى قلبى يُقِرُ بما جرى
و بأنه إفترش الثرى كى ما يلامسَ أثرَ أقدامٍ
عليهِ تركْتِها لَهِفاً مخَافَة أن تزول
فأنا أحبك مثلما فرسٌ تمرَّد عن قطيعٍ من خيول
و أتى إليك طواعية يرجوك أن فقط إسمعى
له ... لا لواشٍ أو عزول


فِرِّى كما يحلو لكِ
فأين فى ظَنِّك المعطوبِ يأخُذُكِ الفرار؟
عينى لياليكِ و قلبى عالمك
و بين أحضانى رسمتُكِ كالنهار
غيبى كما يحلو لكِ
سُدى منافذَ إتصالِك بى أنا،
و أنا ستارُك ليس دونَك من دِثار
أنا فى النوافذِ و البراويز التى عَلَّقتِها
أنا فى حياتِكِ دائماً نورٌ و نار
فِرِّى كما يحلو لكِ و سترجعين إلى هُنا
و ليس عندك من خيار

دنياً بها أنتِ إستحالت لجنان
بيد أن العقل حقاً صابه مس الجنان

هى من تجارب سابقة ،، مترددة
هو من صميم فؤاده ...له قضية واحدة
هى خائفة، هو لا تحركه مشاعر زائفة
و الحب عنده عين ماءٍ جارية متجددة
هو لا تعرقله رسائل رفضها .. لا فائدة
هى بالرحيل مهدِّدة
هو في يقينه أنها يوما ستستصرخ هواه
و سوف تأتى .. راجية مستنجدة

لم أعد أحتاج منه الإعتراف
و لم أعد أصبو إليهِ
فنظرةٌ فى عمق عينه
سوف تخبرنى و تفضح مقلتيهِ
و تشرح كم أنا رقمٌ كبيرٌ
كم أنا سرٌ يقاتِل للحفاظ عليه

قولى أحبك
تستقر الأرض عند مدارها
و الشمس تسطع فى عيون سمائي
قولى أحبك
تضحك الأنهار عند مصبها
و الرد بالإيحاب يسبق لائي
قولى أحبك كم وددت سماعها
و لكم رجوت إجابة لدعائي
قولى أحبك كى أصالح واقعى
فالحب غاية منيتى و رجائي
كي يستمر النهر فى جريانه
و المطر ينهى غضبة الأنواء
قولى أحبك تضحك الدنيا لنا
و تطير روحى فى عنان سمائي

أهواك يا كل النساء
و يا إعتذار العمر عما قد مضى
أهواك يا سر النساء
و يا شعور النفس حقاً بالرضا
أهواك يا أجمل عطايا الدهر
و هدايا السماء
و يا إعترافٌ أن أملى ما إنقضى

قدرى أحبك مثلما لا تدركين
قدرى أصونك فى الفؤاد من الحنين
قدرى أقاوم معطيات العمر و دعاوى السنين
قدرى أحبك مثلما أحببت أن أحيا
حياة العاشقين


هُدى خطواتك الأولى علاماتٌ لتهدينى
فإنى حين لاقيتك نفذتِ إلى شرايينى
سكنتِ الدمَّ و الأعصابَ سيدتى
و صرتِ النسُكَ فى دينى
أحبينى .. و لا تتحججى بالوقت و الأحداث
لى لينى
أحبينى ... فإن الحب من مثلى
نقيٌ لم تلوثه خطايا قط للحينِ
فحبى ظل عذرياً و جاء الوقت .. فدعينى
أكفر عن ذنوب البعد سيدتى و أبدأ طقس تدشينى
كزورق حب فى بحرٍ حدوده حدقة العين

و قالت لى .. تجَوَّل فى تفاصيلى
و كُن شجراً يظللنى ... و كُن نيلى
فإن العطَش يقتلنى كباقى الإنس من جيلى
فمن خبُرَ الهوى يدرى

مالى  لا أرى حُجُباً لتمنع جرأتى الحمقاء
و عذرى أننى أجهل مكان خطوطك الحمراء
فلاقينى هنا إنى كرهت توسلاً و رجاء
فإن العشق لا يعرف هوان تردد الضعفاء

هو ذلك المعنى الذى
عيناك تشرحه و لو مسَكَ اللسان
فالعشق إحساسٌ تبوحُ به العيون
و يعصف بالكيان

كل صبحٍ مر دونك لم أرَهْ
حتى الكلام لغير عينك ثرثرة
و بكل غالٍ لا تغيبى مرةً
فلقد كفانى فى غيابِك ما جرى

أسافرُ فى عيونك كل يومٍ
و أجهلُ أى دربٍ للوصولِ
و لم أدرى أ بالجندول أمضى
أم الأجدى أسافرُ بالخيولِ
و ضاعت كل سبُلى فى بحورٍ
أسيرُ بها كما الغَرِّ الجهولِ
و فى الصحراء تيهٌ قد حوانى
و أمضى من جبالٍ للسهولِ
و فى عينيك قد أنفقتُ عمرى
أحاولُ أن أقول فهل تقولى؟

أهوى من كل نساء العالم
أنثى بطباعٍ برية
عِشتُ أفتش عُمراً عنها
أتمناها، أتلَمَسُها،
أهوى أنثى إستثنائية
صاخبة هادئة ثورية
فى عينيها مرح الكون
و فى كفيها عبق عطورٍ باريسية
حين تحدثنى ....
يصمت كل غناء العالم
تنتحر النوَتُ الموسيقية
أهوى إمرأة كالعادية
تستغرب أنها إنسِيَّة
أعلم وحدى أن إمرأتى
إمرأةً ... إستثنائية

بشفاهِك سلة عنابٍ
و جبينك شمسٌ صيفية
و عيونك بحرٌ من سحرٍ
و ورود خدودك جورية
و أنا مسكينٌ فى حبى
تسكن بلسانى العفوية
تجتاح كيانى أسئلةٌ
و الحيرة تبقى أبدية
أجوبتك لا تطفئ نارى
للنار طباعٌ همجية
أتمنى خطفك لو أمكن

لزمان القصص الوهمية

الأحد، 14 ديسمبر 2014

الذكرايات

موش باقى من عمرى
اللي فات ... غير ذكرايات
لما الشريط بيمُرْ روحى بتِبْتِدِى ..
حَبِّة آهَـــات
و تطل م العين دمعتين بتنهدات
مع لفتة للخلف بأسى على عمر فات
موش باقى غير حبة صوَّر
مليان ضحك كأنى عارف وقتها
إن الفرح كان فرصة فجأة كسبتها
و الحُزن آتْ
لَمِّة صحابك و الكتاف لامسة الكتاف
دولوقتى لو كان باقى منهم حد جايز تكتفى
بينك و بينهم بإتصال أو حتى شات
كُل اللي باقى من زًمَن حَبِّــة شَجَن
و الروح تحاول بس تجمع نفسها
بَعْد الشتات
و بلوم بتسأل نفسها وسط السُكات
فين اللي كان، فين الأمان، فين الحنان
فين اللي كل ما شيئ يروح
حتى الجروح، يبقى اللي متهوم الزمان
مع إنه على طول الزمن ... إحنا الآفات
موش باقى من عمرى اللي فات
إلا الأسى و حاجات لا يُمكِن تِتْنَسى

نحكيها بس كذِكرايات