ملفات عاصفة الصحراء
الرسالة الأولى : حفر
الباطن 2/9/90
أبت .......
من حفرِ الباطنِ لك
أكتب و العرقُ يسيلْ
و القلب الحائر
أرَّقنى .... و الدمع يسيل
فأخى فى دين الله
ينادينى و دماه تسيل
و الأخُ الآخر يا أبتِ
قد صوَّب نحوى مدفعه
و كأنه يوماً لم يشرب
من ماء النيل
شيئٌ فى كفى يدفعهُ أن
يضغط فوق زناد الغوث
شيئٌ فى قلبى يمنعهُ
... فالخطبُ جليل
والوقتُ يمرُ ببطءِ
سلحفاةٍ سكرى ...
و الشمس تعسكر فى يومى
لا تبرحَهُ ... و الليلُ طويل
و الرؤيا غامت فى عينى
و الرأسُ شَتيت
و الحقُ توارى يا
أبَتِ خلفَ التضليل
أحتاجُ إليك ...
لكلماتِك ... لسديدِ
الرأى
فأنا أضنانى تفكيرى
... و رؤاكَ دليل
أبت ...
اسعفنى يا أبَتِ
بحكيمِ القول
فأنا أعيانى تفكيرى
... و العقلُ عليل
إنِّ لا أخشى إلا
اللهَ ... و تعلم أنتْ
أنِّى فرعٌ من بأسٍ و جذورُه
أنتْ ... رواك النيل
أبت ...
كلماتى لا تحمل جبناً
أو خوفْ
لكنى خِفتُ الجَوْرَ و
إثمَ البغيِّ ... و اللهُ وكيل
أبت ... أبلغ للأمِ
سلاماتى و لكلِ صديق
قَبِّل يا أبت تراب
الأرض و ماء النيل
و عشْ ذُخرا ... و عشْ
دَوماً
كنزاً من بأسٍ من حبٍ
و القلبُ نبيل
...... إبنك ياسر
****
رد الرسالة الأولى :
السويس 19/9/90
ولدى يا ياسر ...
يا بطلا يكبر فى عينى
كالأسدِ الكاسرْ
يا شهماً ثار يؤرِّقه
عدوانٌ سافرْ
يا جندَ اللهِ ترابضُ
تدفعُ جَوْرَ الجائرْ
يا فرعا ينبت من أصلٍ
خيرُه وافِرْ
أنت مع الحق ......
فى وجه الظالمِ يا
ولدى ... النبل تجمَّع و تَضَافَرْ
وقف الشرقىُّ مع
الغربىِّ يقاومه ...
يجمعهم أَرَبٌ ياولدى
... لست بِنَاكِرْ
فأنا أذُنَيَّ تعاقِرُ
كل إذاعاتِ الدنيا
و الليلُ ينامُ على
جفنى و أنا ساهِر
ولدى ... لا تدع
الغاصبَ يهنأ بالسَلَبِ
سيعاود سَلْبَهُ يا
ولدى مادام القاهر
انصُرْهُ بِرَدِّه عن
غَيِّه أو عن ظُلْمِه
لا تخفض صوتكَ يا ولدى
... اصرخْ جاهِرْ
قاتِلْهُ إذا أطلَقَ
نَحْوَك سَهمَ رَصَاصٍ
إدحَرْهُ و لا تخشى
شيئاً فاللهُ الناصِرْ
أنت مع الحقِ وأَيْمِ
الله
فاثْبُت فى بأسٍ يا
ولدى ... ضِدّ َالجائر
ولدى .....
يا مَنْ تجعَلُنى بكَ
أزهو ... بِكَ أَتَفاخَرْ
أمُّك تتمنى ضَمُك لكن
... حين تعودَ لنا ظافِرْ
اللهُ معَكْ ... و
الحقُ مَعَكْ ...
وحتى ألقاكَ بإذنِ
الله ... أنا صابر
والدك ...
عبدالفتاح البرعى
****
الرسالة الثانية : حفر
الباطن 2/10/90
أبتِ ...
وصلتنى رسالتك البلسم
... و إليك الرد:
يا عَبَقَ الأرض
الضاربِ فى التاريخِ لألفىّْ جَدْ
يا صوت بلادى يسبح من
دمياط لبعد السد
رغم رباطة جأشك أنت و
رغم الصبر ...
ألمح بين سطورك أمى
تدمع فوق الخد
أسمع نَهْنَهَةً
تتوارى فى كلماتِك ...
أسمع دقات فؤادك تسرع
رغم البعد
يا صوت الحكمة ... لا
تجزع من كلمة حرب
يا من جَلَّيت غشاوة
عينى أزلت السد
إنى أتدرب يا أبت من
قبل الفجر
فأنا قررت بأن أكسر
سيف المرتد
و الكل تَوَشَّح يا
أبت درع الإقدام
و الكل سلاحَه فى يدِه
وابتدأ العَدّْ
سنحطم أنفه يا أبت هذا
المغرور
فالسرقة و القتل ذنوبٌ
... و الفِتَنُ أَشَدْ
لا تجزع أبدا يا أبت
... نحن مع الله
و اللهُ جنودَه لو
تدرى ما لها من عّدْ
قَبِّل لى أمى يا أبتِ
فى كل الوجه
وامسح دمعاتها إن تبكى
لو أن لابُد
قَبِّل إخوانى و
أخواتى و صغار الحى
وادعو لى ربك يا أبت
فى كل صلاة ...
و لا تنسى
.............. أسرع بالرد
...... إبنك ياسر
****
رد الرسالة الثانية :
السويس 12/10/90
ولدى ...
يا عضواً منى يتحرك فى
حفر الباطن
يا كَبِدى نُزِع و
طُرِحَ على الرمل الساخن
لن أكذب أبدا يا ولدى
...
ففؤادى حقاُ يتلوَّى
... ليس بساكن
لكنى أمضيت حياتى يا
ولدى لم أتجابن
و أنا فى عمرك يا ولدى
كنت بصنعاء
و طوال حياتى يا ولدى
– بين الإخوانِ – أنا الدائن
فى كتفى ذكرىً من
صنعاء ...
و أبى لليلةِ قبره فى
غزةَ كائن
و أخى قد ضاع صباح
الخامس من يونيو
تُرِكَ على الرمل
ببحرِ دمائه ... كالجيفةِ فى ماءٍ آسن
فأنا لم أجبُن يا ولدى
لا أخشى الحرب ...
و انت نباتٌ من صلبى
... لستُ بماجِنْ
تاريخى كالثوبِ
الأبيضِ لا دنسٌ فيه
مجدٌ يتسامى فى فخرٍ
... ليس بشائن
قاتل يا ولدى كل عدوٍ
للإنسان
قاتل أسرابَ الشرِ و
سحبَ الإعصار الداكن
حاصر يا ولدى نارَ
الفتنةِ فى المهدِ
واروِّ بالدَمِّ
الزهرَ القومىَّ الفاتن
واعلم أنى فى السجدةِ
أدعو لك و لإخوانِك
أن ينصرَ ربُكَ جندَ
اللهِ على الخائن
أمُّكَ لو تعرف فك
الخطِ لكتبت لك كتباً
تبدأُ من
"فيصل" أسطرها ...... و تطولُ إلى حفر الباطن
و أنا استودعتُكَ حفظَ
اللهِ ... حتى عودتك لنا آمن
والدك ...
عبدالفتاح البرعى
****
الرسالة الثالثة : حفر
الباطن 25/10/90
أبى الحبيب ...
عرقى يتصبب يا أبت بعد
التدريب
و القلم يخطُ خطاباتى
و الجوُ كئيب
قلبى منفطرٌ من ألمٍ و
أسىً و سقيم
فأخى فى دينى يترنَّح
تحت التعذيب
و الأخُ الآخر يسقيه
ذلاً و هوان
و توشح صلفاً و غروراً
و الأمرُ رهيب
و هلاكٌ يفتح فكَّيهِ
لبين النهرين
و مخطط واشنطن جاء
بسبقِ الترتيب
و الأخُ الباغى بغباءٍ
يهوى فى الفخ
و طوال حياته يا أبت
يهوى التخريب
قد كنت أعُدُّه يا أبت
... عوناً و صديق
و حَسِبْتُه يوما فى
يدِنا سبفَ التأديب
فانسَّلَ السيفُ ...
على طفلٍ يتلو القرآن
و اغتالَ الشاةَ ...
"وياعجبى" قد ترك الذيب
و رَوَى الصحراءَ
بدَمِّ أخيه و بتروله
و هوى الصاروخُ على
"الظهران" و لم يسقط ...
يال الخجلِ – فى تلِّ
أبيب
أبت سامحنى يا أبتِ
... فالجرحُ عظيم
فأنا فى حضنِ
ثَرَىَ وطنى و كأنى غريب
طيِّبْ للأُمِّ
خواطِرَها ... واثبتْ فى بأسْ
أبلغ للصحبةِ أشواقى و
لكل حبيب
فأنا حمَّلتُ الشمسَ
الشوقَ و قبلاتى
تنقِلُها إليكم يا
أبتِ فى كل مغيب
...... إبنك ياسر